يتمثل ذلك الأسلوب في تشجيع الطفل علي تحقيق معظم رغباته بالشكل الذي يحلو له وعدم توجيهه لتحمل أية مسئولية مع مرحلة النمو التي يمر بها , وقد يتضمن هذا أيضاً تشجيع الطفل علي القيام بألوان من السلوك الذي يعبر عن عادة غير مرغوب فيها اجتماعياً , وكذلك قد يتضمن دفاع الوالدين عن هذه الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها ضد أي توجيه أو نقد يصدر إلي الطفل من الخارج . فالتدليل يتضمن التراخي والتهاون في معاملة الطفل وعدم توجيهه لتحمل المسؤوليات والمهام التي تناسب مرحلته العمرية، مع إتاحة إشباع حاجاته في الوقت الذي يريده هو ، والتدليل هو نوع المبالغة في التساهل مع الطفل بحيث يستجيب الوالدان أو أحدهما لمطالبة مهما كانت هذه المطالب ويغضون الطرف عن كل ما يرتكب من أفعال تقتضي التأديب والعقاب ويسلك الآباء مثل هذه الطريقة في معاملة الأبناء نتيجة ظروف معينة كأن يكون الطفل وحيدا أو جاء بعد فترة طويلة من الزواج.
ففي بعض المنازل يعامل الأطفال كما لو كانوا ضيوفاً محظوظين , تشبع دائما أهواؤهم ورغباتهم بواسطة الأبوين , فهم يختارون ما يريدون أكله , ويلقون عناية خاصة فيها كثير من المبالغة , فقد يختارون ألوانا من الترفيه والتسلية التي يريدونها , وعندما لا يجدون فكرة جديدة يلجأون إلي الأم وكأنهم يريدونها أن تفكر لهم فيما يمكنهم أن يلعبوا , وقد لا يطلب منهم إطلاقاً أن يقوموا بأي مجهود لمصلحتهم أو لمصلحة الأسرة .
وعليه , فإن الأم – الأب – المتسامحة تحاول أن تنأي عن استخدام العقاب وأن تتقبل رغبات الطفل وأفعاله , وتكون مطالب هذه الأم من طفلها قليلة , فهي لا تكلفه بمسئوليات منزلية ولا تطلب منه سلوكاً منظماً ولا مرتباً في حالات كثيرة , إنها تقدم نفسها للطفل كمصدر يستخدمه كما يرغب وليس كمثل أعلي عليه أن يقلده ويحتذي به , وهي لا تعمل علي نحو نشط لتشكيل سلوك الطفل الحاضر والمستقبل وتعد له , إنها بذلك تتيح للطفل أن ينظم أنشطته بقدر ما يستطيع وتتجنب ممارسة الضبط , وهذه الأم لا تشجع الطفل علي إطاعة المعايير التي تتحدد من الخارج.
ومن ثم فإن هؤلاء الآباء الذين يخشون رفض أي مطلب للابن حتى لا يعكروا عليه صفو سعادته وأمنه , يتركون الأبناء يفعلون ما يريدون بلا حساب علي ذلك .
والذي يدفع الوالدين لاتخاذ هذا الأسلوب هو إصابة الطفل , أو مرضه مرضا شديدا يجعله عاجزًا لا يستطيع شيئاً , أو وجود نوع من السيطرة عند الطفل يضلل به الآباء ولا يستطيعون أن يتغلبوا عليه , أما مشكلة الطفل المريض فهي مشكلة معروفة , حيث يكون موضع عطف جميع أفراد الأسرة بل وربما الأصدقاء, وهم يوفرون له الراحة والاطمئنان , ويرفعون عنه كل المسئوليات , فإذا كان هذا المرض مزمناً – كالإعاقة – فإن انغماس الوالدين في هذا السلوك قد يستمر , أو أن يقوم الطفل بخداع وتضليل الوالدين ليصل إلي ما يريد بالتشنج والإغماء والثورة أو التهديد بترك المنزل أو الانتحار, فيضطر بعض الآباء إلي التنازل لصغارهم خشية تنفيذ هذه التهديدات.
وغالبا ما تتغلب مشاعر الشفقة والإحساس بالذنب علي والدي الطفل المعوق في أنهم السبب في إعاقة هذا الطفل وشقائه , ومن ثم يغدقان عليه أحياناً بما يريد وما لا يريد , ويكونان رهن لإشارة منه , فمطالبه تجاب دون قيد ولا شرط , فينشأ الطفل علي ذلك , ويعتقد أنه يجب علي الجميع أن يفعلوا ذلك , وإن كان ذلك من ضروب المستحيل في أحيان كثيرة , ومن ثم تقابل هذه المطالب بالرفض في بعض الأحيان , ولا نفاجأ حينئذ إذا أصيب بالإحباط .
(7) أسلوب التذبذب في المعاملة Oscillation style
هو إدراك الطفل – من خلال معاملة والديه له – أنهما لا يعاملانه معاملة واحدة في الموقف الواحد، بل إن هناك تذبذبا قد يصل إلى درجة التناقض في مواقف الوالدين وهذا الأسلوب يجعل الطفل لا يستطيع أن يتوقع رد فعل والديه إزاء سلوكه. كذلك يشمل هذا الأسلوب إدراك الطفل أن معاملة والديه تعتمد على المزاج الشخصي والوقتي، وليس هناك أساس ثابت لسلوك والديه نحوه.
ويتضمن هذا الأسلوب عدم استقرار الأب والأم من حيث استخدام أساليب والثواب والعقاب، وهذا يعنى أن سلوكا معينا يثاب عليه الطفل، وقد يعاقب الطفل من موقف معين ويثاب في نفس الوقت مرة أخرى مما يفقده تحديد مواقف الصواب والخطأ في تعامله مع الآخرين.وهذا التأرجح بين الثواب و العقاب ، المدح و الذم ، اللين و القسوة، يجعل الطفل في حيرة من أمره ، دائم القلق غير مستقر، ويترتب على هذا النمط شخصية متقلبة متذبذبة ويعتبر من أشد الأنماط خطورة على الطفل ، وعلى صحته النفسية.
ويذكر علاء كفافي ( 1990: 239) أن من المواقف الوالدية التي يدركها الطفل وتمثل هذا الأسلوب ما يلي:
(أ) أن الطفل لا يقدر على معرفة الحالة المزاجية لوالديه في لحظة معينة؛ لأنهما يتسمان بتقلب المزاج.
(ب) إدراك الطفل أنه قد يعاقب على سلوكه في مرة ، ولا يعاقب على نفس السلوك مرة أخرى.
(ج) إدراك الطفل أن الوالدين يغيران من الآراء التى أعلناها ، إذا وجدا أن هذا التغيير يناسبهما.